الديباجة

      جاءت الشَّريعةُ السَّمْحَاءُ بوحييها القرآنُ الكريمُ والسنَّةُ النبويةُ المشَرَّفةُ مُنبِّهةً للعقولِ، داعيةً للبَحثِ والتَّأمُّلِ والتَّفَكُّرِ، تخاطب العقل وتهديه، وتنير له السَّبيل ليُفكِّر ويَتأمَّل، وبقدر ما يفقه الإنسان ذلك بقدر ما يُحقِّق من الإنجاز والشُّهود الحضاري، ويَسعد بالتَّقدُّم العلميِّ والتِّقْنيِّ، مع تهيئة المناخ الأخلاقيِّ الرَّحيب، وهذا لن يتأتى إلا بالعودة إلى نصوص الوحيين، وحسن الإفادة منها بأقصى الطاقات الممكنة؛ لمعالجة ما يستجد من تحديات في كل المستويات.
      إننا حين نستقري تاريخ السيرة النبوية في عهده الكريم (صلى الله عليه وسلم ) من جَمْعٍ بين الدين والدنيا، نتعرف حقائق كثيرة منها: كيف أن الرسول  (صلى الله عليه وسلم )  كان يحرص على دعم أصحابه، وكيف كان يهتم بتربيتهم وتعليمهم، فيجعلهم أكثر اندفاعًا في واقع العمل، وأكثر إخلاصًا وكفاءةً وعطاءً لأنفسهم ولمجتمعهم، حرصًا منه على دعم ما نسميه في واقعنا المعاصر بـ (نظرية التنمية المستدامة)، والتي يُعَبَّر عنها بأنها: "مجموعةٌ من العمليات الحيويّة التي توفرُ وسائل الحياة للكائنات الحية بمختلف أنواعها، ممّا يساعدها في المحافظة على تعاقب أجيالها، وتطوير وسائل نموها مع مرور الوقت"، وهذا مما ينشده الفرد والأسرة والمجتمع، رغبةً منهم في تطوير الواقع المعاصر إلى واقع يحلمون به، يكون واقعًا نموذجيًا صحيًا، تندحر فيه كل أسباب الفقر والعوز والكسل؛ تحقيقًا للتنمية المستدامة.
      ولهذا، ارتأى مركز بحوث السنَّة النَّبوية في جامعة الوصل بدبي أن يجعل موضوع الندوة الثانية عشرة  بعنوان: (التَّنمية المستدامة في السنَّة النَّبوية .. واقع وآفاق)؛   ليكون ميدانًا خصبًا للمعرفة، ومائدة بحثية علمية يجتمع عليها الباحثون في السنَّة النَّبوية لإثراء فعاليات النَّدوة بأفكارهم العميقة، وآرائهم السديدة؛ خدمة لسنة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وخدمة للمجتمع المعاصر.